نحكي لكم اليوم زوارنا الكرام من خلال موسوعة القصص موقع قصص وحكايات، من قصص كليلة ودمنة قصيرة للأطفال والكبار كذلك، القصص بعنوان الطائر الحكيم و قلب الحمار، نتمنى ان تنال إعجابكم وللمزيد من القصص الرائعة ندعوك لزيارة: قصص وعبر .

الطائر الحكيم
يحكى أن ملكا من ملوك الهند كان يدعى باسم الملك ( بریدون) … وأن هذا الملك كان له طائر حكيم يدعى باسم الطائر (فترة ) .. وكان فترة طائرا ذكياً جداً .. وكان لهذا الطائر فرخ جميل المنظر ، وكان الطائر يحب فرخه الصغير مما لا نظير له .. وكان الطائر وفرخه يجيدان الغناء والكلام ، بأحسن منطق ، فكان كل منهما أعجوبة عصره .. وكان الملك معجبا بالطائر وفرخه غاية الإعجاب ، فجعلهما في أحسن مكان بقصره ، وأمر بالمحافظة عليهما .. و كان للملك طفل صغير ، فكان الطفل يلعب مع فرخ الطائر ويلهوان وقتا طويلا من النهار، فأحب كل منهما الآخر ، واعتاد عليه ، ولم يعد قادرا على فراقه أو الاستغناء عنه .

وكان الملك سعيدا لأن ابنه يجد سعادته في اللعب مع فرخ الطائر الحكيم … وكان الطائر الحكيم (فترة) يذهب إلى الجبل البعيد كل يوم ، وياتي بفاكهة غريبة لم يسمع عنها ، ولا رآها أحد في هذه البلاد ، فكان يطعم فرخه نصفها ، ويطعم نصفها الآخر لابن الملك … وبسبب هذه الفاكهة الغريبة النادرة ، كان ابن الملك ينمو ويكبر بسرعة لم يعرفها أحد في الغلمان من قبل .. وبسبب ذلك ازداد حب الملك وإكرامه لطائره الحكيم (فترة) ..

هكذا كانت الأمور تمضي بين ابن الملك والطائر الحكيم وفرخة .. حتى كان ذات يوم، وحدثت الكارثة .. كيف كان ذلك ؟! كعادته كل يوم طار الطائر الحكيم إلى الجبل البعيد، ليحضر الفاكهة الغريبة ، التي اعتاد أن يطعمها فرخه وابن الملك .. وكعادته كل يوم جلس ابن الملك يلعب مع صديقه فرخ الطائر الحكيم … ويبدو أن مزاح فرخ الطائر الحكيم كان ثقيلا ذلك اليوم ، لأن ابن الملك لم يحتمله ، فقد نقر فرخ الطائر ابن الملك نقرة قوية في رأسه ، فتضايق ابن الملك وغضب بشدة ، فأمسك فرخ الطائر ، وضرب به الأرض بقوة ، فمات الطائر المسكين في الحال..

مات فرخ الطائر الحكيم في لحظة غضب على الغلام الطائش.. و جلس ابن الملك يبکي حزنا على صديقه ، الذي قتله في لحظة غضب .. وبعد قليل عاد الطائر الحكيم يحمل الفاكهة الغريبة ، فلما وجد فرخه مقتولاً حزن حزناً شديداً ، وصاح قائلا في غضب : تبا للملوك والسلاطين الذين لاعهد لهم ولا وفاء .. ويل لمن ابتلى بصحبة الملوك الذين لا أمان لهم ، ولا حرمة لدم أحد عندهم ، الذين لا يحبون أحدا ، ولا يكرمون أحدا إلا إذا طمعوا فيما عنده من مال ، واحتاجوا إلى ما عنده من علم ، فيكرمونه لذلك ، فإذا حصلوا على حاجتهم منه ، فلا ود ولا إخاء ولا إحسان …

ومن شدة غيظه وثب الطائر في وجه الغلام ، فنقر عينه وفقاها ، انتقاماً لمقتل فرخة المسكين .. ثم طار فحط على شرفة القصر ، قبل أن يتمكن خدم الملك من الإمساك به .. وعلم الملك ما حدث لابنه على يد الطائر الحكيم ، فغضب غضباً شديداً ، وأقسم في نفسه أن ينتقم من الطائر الحكيم .. وقرر الملك أن يحتال للإيقاع بالطائر الحكيم ، فوقف قريبا من الشرفة ، وناداه قائلا :أيها الطائر الحكيم ، انزل .. تعال إلى .. إنك آمن على حياتك .. فقال الطائر : أيها الملك ، إن الغادر مأخوة يغذره ، وإن ابنك قد غدر بابني فعجلت له العقوبة .. فقال الملك : لقد غدرنا بابنك ، فانتقمت منا ، فليس لك عندنا ثأر ، وليس لنا عندك ثأر .. ارجع إلينا آمنا یا (فترة) وانس كل ما حدث …

فقال الطائر : لن أرجع إليك أبدا أيها الملك ، لأن أصحاب العقول قد نهوا عن الاقتراب من له ثأر ..فقال الملك : لقد بدأناك نحن بالغدر ، وأنت لم تزد على أن أخذت ثأرك فقط ، فما ذنبك ؟ ارجع وأنت آمن .. فقال الطائر: إن الأحقاد تظل كامنة في القلوب ، حتى تدرك ثأرها .. والألسن لا تصدق في حديثها ، ما أراك إلا تستدرجني بطيب الكلام ، حتی أقع في يدك ، فتنال ثأرك مني ..
فقال الملك : من كان ذا عقل كان على إماتة الحزن أقدر منه على تغذيته وإحيائه ، والعاقل الكريم هو الذي لا يترك إخوانه وأحباءه من أجل أوهام زائلة ، وتصورات باطلة ..

فقال الطائر : الكلام جميل ولكن تنفيذه صعب ، ونسيان العداوة أصعب منه .. ما أراك إلا تحتال إلى اصطيادي حتى تقتلني .. ولهذا فأنا أقول لك وداعا لا لقاء بعده .. قال الطائر الحكيم هذه الكلمات وانطلق طائراً إلى حيث لا يدري الملك أين يذهب .. أما الملك فقد تملكه الغيظ والحنق من أجل الطائر الذي لم يستطع الإيقاع به ، حتى يدرك منه ثأره ..

قلب الحمار
يحكي أن أسداً ضارياً كان يعيش وحيداً في غابة كثيفة الأشجار ، بعيداً عن جماعة الأسود ..
وكان يقيم مع الأسد حيوان وحيد هو ابن آوى ، فكان يخدمه ، ويأكل من فضلات طعامه، ومضى على ذلك وقت طويل … حتى كان ذات يوم ، فأصاب الأسد ضعف وهزال شديدان ، فلم يعد قادرا على الخروج للصيد ، ومطاردة الفرائس وقنصها ، كما كان يحدث من قبل … وبسبب ذلك ازدادت حالة الأسد سوءا وضعفا ، وكاد يهلك من الجوع ، و كاد ابن آوى أيضا يهلك من الجوع.

فقال للأسد : ما بالك يا سيد الوحوش وزعيم السباع قد تغيرت أحوالك ، وهزل جسمك .. أليس لهذا المرض الذي أصابك من علاج ولا دواء ؟! فقال الأسد: هذا المرض الذي أجهدني وهدني ليس له إلا دواء واحد.. فقال ابن آوى : صف لي ذلك الدواء ، وأنا أحضره لك في الحال يا سيد السباع .. فقال الأسد : ليس لمرضي إلأ دواء واحد ، وهو أن آكل قلب حمار و أذنيه.. فقال ابن آوى : هذا دواء سهل الحصول عليه يا سيد السباع … أنا أعرف حماراً یملكه طحان ، ويقيم في مكان قريب من هنا .. سوف أذهب لأحتال عليه ، ثم أتيك به إلى هنا .. فدعا له الأسد بالتوفيق في مهمته ، وشكره على هذا الاهتمام من أجله ..

وانطلق ابن آوی بادئاً رحلته إلى المكان الذي يقيم فيه الحمار مع صاحبه الطحان ، وهو يفكر في حيلة يحتال بها على الحمار ، حتى يستدرجه إلى عرين الأسد ، فيصيده ويأكل هو ما تبقى من الأسد .. وعندما اقترب ابن آوى من الطاحونة رأى الحمار واقفاً أمامها ينتظر خروج صاحبه ليحمله بالأحمال الثقيلة ، فحيّاه وقال له : مالي أراك أيها الحمار ضعيفاً مهزولاً ، كأنك لم تاكل منذ سنة ؟! فقال الحمار : إن صاحبي يحملني بالأحمال الثقيلة ، كل يوم من الصباح حتى المساء ، ولا يطعمني إلا أقل القليل .. فقال ابن آوى : وكيف ترضى الإقامة معه على هذا الذل ؟!

فقال الحمار : ليس لي حيلة في الهرب ، ثم إن الإقامة مع هذا الطحان أفضل من غيره ، لم يشترني إنسان إلا أضر بي أشد الضرر ، وحملتي فوق طاقتي … فقال ابن آوى : أستطيع أن أدلك على مكان معزول عن الناس ، لا يمر به إنسان .. مكان ملئ بالمرعى الخصب ، يعيش فيه قطيع من الحمير ، لم أر مثلها سمناً ولا شبعاً في حياتي … فقال الحمار: إذا فعلت ذلك سأكون شاكراً لك ما حييت .. فقال ابن آوى : لا شكر بين الإخوان يا أخي.. هيا بنا ..

وانطلق ابن آوى مع الحمار ، حتى وصلا إلى الغابة ، التي يقيم فيها الأسد ، وأخذ الحمار يرعى ، بينما تقدم ابن آوى إلى مخبأ الأسد ، فأخبره بمكان الحمار … وخرج الأسد إلى الحمار ، فأراد أن يثب عليه ليقتله ، لكن ضعفه الشديد منعه ، وأسرع الحمار يجرى هلعاً ، فقال ابن آوى للأسد : هل عجزت عن صيد الحمار يا سيد السباع ؟! فقال الأسد : إن أحضرته مرة أخرى ، فلن ينجو مني .. فذهب ابن آوى إلى الحمار وقال له : ما الذي جرى لك ؟! إن أحد الحمير قد راك غريبا عن المكان، فخرج يستقبلك ويرحب بك ، لوثبت له لأخذك ومضى بك إلى أصحابه من الحمير… ولم يكن الحمار قد رأي أسدا قبل ذلك ، فصدق ابن آوى ، وعاد معه إلى الأسد مرة أخرى .

وفي هذه المرة استجمع الأسد كل قوته ، فوثب على الحمار بشدة وقتله .. ثم قال لابن آوى : احرس هذا الحمار ، حتى أغسل يدي وأعود لأكل قلبه وأذنيه ، فإنني أرجو الشفاء فيهما .. فلما ذهب الأسد ليغتسل ، أكل ابن آوى قلب الحمار وأذنيه ، رجاء أن يتشاءم الأسد ، ويترك له الحمار كله ليأكله هو وحدة .. وعندما عاد الأسد قال لابن آوى : أين قلب الحمار وأذناه ؟! فقال ابن آوى : ألم تعلم يا سيد السباع أن هذا الحمار لو كان له قلب يفقه به وأذنان يسمع بهما ، لم يكن يرجع إليك لتفترسه بعدما أفلت منك وكتبت له النجاة في المرة؟!.